الحمد لله بطاقات التخفيض التي تصدرها شركات الدعاية والإعلان والتسويق ، أو شركات السياحة والسفر ، أو بعض المراكز التجارية ، وتمنح حاملها حسماً معيناً من أسعار السلع والخدمات لدى مجموعة من الشركات والمؤسسات وغيرها ، هذه البطاقات تنقسم إلى قسمين: الأول: بطاقات يتم الحصول عليها بمقابل مادي عن طريق الاشتراك السنوي. الثاني: بطاقات مجانية ، يتم الحصول عليها عن طريق الإهداء للمشتري تشجيعاً له على التعامل معهم ، وقد تُمنح مجاناً لمن بلغت مشترياته حداً معيناً. أمَّا البطاقات التي يتم الحصول عليها بمقابل مادي فهي محرمة ؛ لاشتمالها على عدد من المحاذير الشرعية ، ومن ذلك: 1- الجهالة والغرر ، لأن المشتري يدفع مبلغاً من المال ثمناً للبطاقة ، بهدف الحصول على التخفيض ، وهذا التخفيض لا تُعرف حقيقته ومقداره ، فقد لا يستعمل البطاقة ، وقد يستعملها فيحصل على تخفيض أقل مما دفع أو أكثر ، وقد (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ). رواه مسلم (1513) ، وهو كل بيع فيه جهالة. 2-أن هذه المعاملة قائمة على المخاطرة ، وتدور بين الغرم والغنم ، فيخاطر المشترى بالثمن الذي يدفعه مقابل الحصول على البطاقة ، ثم إما أن يكون غانماً إذا حصل على تخفيض أكثر مما يدفع ، وإما أن يكون خاسراً ، إذا كان التخفيض أقل مما دفع ، وهذه حقيقة الميسر الذي حرمته الشريعة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون).
المائدة/90. 3- في هذه البطاقات تغريرٌ بالناس ، وخداعٌ لهم ، وابتزازٌ لأموالهم ؛ فأكثر هذه التخفيضات الموعود بها وهميّة غير حقيقية. وكثير من أصحاب هذه المحلات يرفعون الأسعار ، ثم يوهمون صاحب البطاقة أنهم قد حسموا له من الثمن ، وحقيقة الأمر أن الحسم تم على الزيادة التي رفعوها عن سائر المحلات. 4-أن هذه البطاقات كثيراً ما تكون سبباً للنزاعات والمخاصمات ، لأن الجهة التي قامت على إصدار البطاقة لا تستطيع إلزام المراكز والشركات والمؤسسات بنسبة التخفيض المتفق عليها ، فيؤدي ذلك إلى نزاعات وخلافات. وما كان سبباً للخلاف والنزاع والبغضاء فإن الواجب منعه ، كما قال تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). المائدة/91 5- في هذا النوع من بطاقات التخفيض إضرارٌ بالتجار الذين لم يشاركوا في برنامج التخفيض. " فتداول البطاقة المذكورة يجر إلى إحداث العداوة والبغضاء بين أصحاب المحلات ، المشتركين في التخفيض وغير المشتركين ، حيث تَنفُق سلع محلات التخفيض ، وتكسد بضائع الذين لم يشتركوا في التخفيض ".