قال الشيخ أبو الحسن المباركفوري – رحمه الله -: ( اللهم إني أسالك العافية) أي: السلامة من الآفات الدينية ، والشدائد الدنيوية ، وقيل: السلامة من الأسقام والبلايا ، وقيل: عدم الابتلاء بها والصبر عليها والرضا بقضائها ، وهي مصدر أو اسم من عافى ، قال في القاموس: والعافية دفاع الله عن العبد وعافاه الله تعالى من المكروه عفاء ومعافاة وعافية: وهب له العافية من العلل والبلاء كأعفاه. ( اللهم إني أسالك العفو) أي: محو الذنوب والتجاوز عنها. ( والعافية) أي: السلامة من العيوب. ( في ديني ودنياي) ، أي في أمورهما. " مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 8 / 139). 5. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ). رواه مسلم ( 2739). قال المناوي – رحمه الله -: والتحويل: تغيير الشيء وانفصاله عن غيره ، فكأنه سأل دوام العافية ، وهي السلامة من الآلام والأسقام. " فيض القدير " ( 2 / 140). وقال العظيم آبادي – رحمهه الله -: وتحول العافية: إبدال الصحة بالمرض ، والغنى بالفقر. "
قال الترمذي: حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يتعقبه الذهبي. قلت: بل إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد وقد توبع عليه: فرواه ابن أبي فديك عن يزيد بن خراس عن أبان بن عثمان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يصبح... )) فذكر الدعاء، ثم قال: ((لم يصبه في يومه فجأة بلاء، ومن قالهما حين يمسي لم يعني: يصبه في ليلته فجأة بلاء)). أخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (347)، وفي ((الكبرى)) (1017)، وعبد بن حميد (54). قلت: ويزيد بن فراس، قال فيه النسائي: مجهول، لا نعرفه، وقال أبو حاتم: مجهول لا يعرف، [((الجرح والتعديل)) (9/ 283)، و((التهذيب)) (9/ 368)، و((التقريب)) (1081)]، وقال: مجهول. وقد روى هذا الحديث: أبو مودود عبدالعزيز بن أبي سليمان المدني [ثقة؛ وثقة ابن المديني وأحمد وابن معين وابن نمير وأبو داود. ((التهذيب)) (5/ 242). قلت: واختلف عليه فيه: 1- فرواه أبو ضمرة أنس بن عياض [ثقة ((التقريب)) (154)] عن أبي مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ولم يذكر قصة الفالج. أخرجه أبو داود (5089)، والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (15)، وفي ((الكبرى)) (9759)، وابن حبان (852، 862)، والدارقطني في ((العلل)) (3/ 8)، وابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 197) ولم يذكر عثمان في الإسناد، والبزار ((357 ـ البحر الزخار))، وعبد الله بن أحمد في ((زيادات المسند)) (1/72)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (464ـ المنتقى) وسقط من إسناده عن أبي ضمرة أنس ابن عياض، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (3073، 3074، 3075، 3076)، والضياء في ((المختارة)) (309) وعزاه لأبي يعلى، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/ 349)، وعبد الغني المقدسي في ((الترغيب في الدعاء)) (93)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) كما في ((نتائج الأفكار)) (2/ 349)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (44)، والطبراني في ((الدعاء)) (317)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (72)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1326).
ثم قال: تابعه الزهري على روايته فوقفه (18) أخبرني محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري قال حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الصائغ عن الحجاج بن فرافصة عن عقيل عن الأزهري عن أبان بن عثمان، قال: ((من قال حين يمسي وحين يصبح – ثلاث مرات – سبحان الله العظيم وبحمده، لا حول ولا قوة إلا بالله لم يصبه شيء يضره))، فدخلنا عليه وقد أصابه الفالج، فقال: ابن أخي أما إني لم أكن قلتها حين أصابني. قلت: مخالفة أبي بكر بن عبدالرحمن بن المسور والزهري لا تقدح في رواية ابن أبي الزناد. أما أبو بكر بن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمة: فلم أر فيمن روى عنه سوء العلاء بن كثير الإسكندراني [((التهذيب)) (10/ 35)] وعلى هذا فهو في عداد المجهولين. وأما رواية الزهري: فإن الإسناد إليه لا يصح؛ فإن الراوي عن عقيل بن خالد: هو حجاج بن فرافصة، وقد تكلم فيه، والراوي عن حجاج، هو إسماعيل بن إبراهيم بن ميمون الصائغ. قال البخاري: سكتوا عنه. وقال أبو حاتم: هو شيخ. ((التاريخ الكبير)) (1/ 341)، و((الجرح والتعديل)) (2/ 152)، و((الثقات)) (8/92)، و((الميزان)) (1/ 215)، و((اللسان)) (1/ 436). تنبيه: هكذا وقع اسمه في المطبوع في ((عمل اليوم والليلة))، و((السنن الكبرى)): إسماعيل بن إبراهيم الصائغ ولكن قلب في ((تحفة الأشراف)) (7/ 224)، وفي ((تهذيب الكمال)) (146) ومختصراته فصار: إبراهيم بن إسماعيل الصائغ وهو خطأ، والصحيح ما أثبته من ((عمل اليوم والليلة))، و((التاريخ الكبير))، و((الجرح والتعديل))، و((الثقات))، وغيرها والله أعلم.
قلت: وحاصل ما تقدم أن رواية ابن أبي الزناد هي أحسن ما ورد به الحديث؛ كما قال الدارقطني. والحديث قال فيه الذهبي: صحيح. ((سير أعلام النبلاء)) (6/ 352). وقال ابن حجر: حسن صحيح. ((نتائج الأفكار)) (2/ 348). وقال الألباني: حسن صحيح. ((صحيح الأدب المفرد)) (513)، وغيره. والله أعلم.
فهذه الأذكار والتعوذات من القرآن والسنَّة: كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن من كل سوء. فينبغي لكل مؤمن ومؤمنة الإتيان بها في أوقاتها, والمحافظة عليها ، وهما مطمئنان ، وواثقان بربهما سبحانه وتعالى ، القائم على كل شيء ، والعالِم بكل شيء ، والقادر على كل شيء ، لا إله غيره ولا رب سواه, وبيده التصرف والمنع والضر والنفع, وهو المالك لكل شيء عز وجل " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 454 ، 455). 4. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي). رواه أبو داود ( 5074) وابن ماجه ( 3871) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ".
وقد ذكروا أنه: حدث مرة وباء ، وتلف فيه خلق كثير, وبيوت كثيرة ، غير بيت واحدٍ لم يدخله الوباء ؛ حيث كان أهله مواظبين على قراءة هذا الدعاء, وقد لفت ذلك نظر والي بغداد آنذاك فأرسل إلى كبير البيت وسأله متعجباً: كيف لم يدخل الوباء بيتَكم ؟ فذكر له أنه قال هذا الدعاء!. ونص الدعاء: " بِسْمِ اللهِ الرّحمَنِ الرَّحِيْمِ اللهُمَّ اِني أسئلك بعدد خلقك, بعزة عرشك, برضى نفسك, بنور وجهك, بمبلغ علمك وحلمك, ببقاء قدرك ببسط قدرتك, بمنتهى رحمتك, بأدراك مشيئتك, بكلية ذاتك ، بكل صفاتك, بتمام وصفك, بنهاية أسمائك, بمكنون سرك, بجميل برك, بجزيل عطائك, بكمال منك, بفيض جودك, بشديد غضبك بسباق رحمتك, بعدد كلماتك, بغاية بلوغك, بتفرد فردانيتك, بتوحيد وحدانيتك, ببقاء بقائك, بسرمدية أوقاتك ، بعزة ربويتك, بعظمة كبريائك, بجاه جلالك, بكمالك ، بجمالك ، بأفعالك, بإنعامك, بسيادتك, بملوكيتك ، بجباريتك ، بمشيئتك, بعظمتك, بلطفك, بسرِّك, ببرك, بإحسانك, بحقك, وبحق حقك, وبحق رسولك محمد المصطفى صلى الله عليه وآله (!! ): أن تجعل لنا فرجاً ومخرجاً, وشفاء من الغموم والبلاء والوباء والطعن والطاعون والعناء ، ومن جميع الأمراض والآفات والعاهات والبليات ، في الدنيا والآخرة, وبحق " كهيعص " ، وبحق " طه " و " يس " و " ص " ، وبحق " حمعسق " ، وبحق ( إنا فتحنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر), وبرحمتك يا أرحم الراحمين, وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ".