ثلاثاء, 10/30/2018 - 19:40 إن المتأمل في واقع مجتمعنا اليوم يرى الكثير من المتناقضات و العادات و المفاهيم التي تحتاج إلى ترميم بل إصلاحات جذرية تجتث ما علق بها من شوائب صيرتها عصيةً على التغيير.. و لا أدل على ذلك من الخلط بين الحياء كخلق و الخجل بإعطائه ذاك المسمى والوصف! حين بحثت عن معنى الحياء و الخجل كل على حدة تبين لي أن الفرق كبير و البون شاسع بينهما، فالإنسان الذي يتمتع بالحياء هو إنسان يراعي شعور الناس إلى أبعد حد، و هو مستمع جيد و متحدث جيد بعكس الخجل! و تطمئن النفس إلى الحياء و لا تنزعج منه،و تتوافق معه من داخلها.. خلافا للخجل الذي تنزعج منه النفس و لا تطمئن إليه من داخلها و إن خدعت غيرها بأنها راضية به، و يترتب عليه فوات مصالح أو ضياع حقوق أو ذلة في غير موضعها أو نحو ذلك... و من أمثلة ذلك: الحياء من الناس عند انكشاف العورات،و الحياء من الضيف و المبادرة بإكرامه، وحياء الفتاة حين يسألها أهلها عن رغبتها في الزواج،.. كنماذج تدل على الحياء بمعناه.. و لا أدلّ على الخجل من عجز صاحب الدّيْنِ عن المطالبة بدَيْنه و خجل الطالب من سؤال المعلم و عدم القدرة على التحدث أمام الناس.. إن المطالع للسيرة النبوية و لسيـر الرعيل الأول يرى نماذج لا يستوعبها من أغلق عقله و قصر فهمه و حجب إدراكه بنقص علمه.. أضرب لكم أمثلة من ذلك: تقول عائشة أم المؤمنين: نِـعْمَ النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، و قد سألت إحداهن عن سؤال خاص جدا في موضوع حساس،لكنها آثرت السؤال على جهل و عن طريقها خرجت الفتوى فتعلمت و علمت نساء يعانين مثلها.. و لخولة بنت ثعلبة حوار تتجلى فيه قمة التأدب مع الرسول و المراقبة و الخوف من الله،و لها جرأة في الحق الذي صدعت به في وجه عمر و هو خليفة المسلمين!
هل تستوي مَنْ تعفَّفت بزينة الحياء مع من خلعت ثوب الحياء؟! إن الحياء من الإيمان، وحياء الفتاة المسلمة يظهر في كل شيء يتعلق بها؛ في لباسها، وسلوكها، وطريقة تعامُلها مع مَنْ حولها؛ فهكذا يكون عالمها الذي اختارت التحصُّن به، عالم لن تفهمه الكثيرات ممَّن نُزِعت من نفوسهن أعظم ما تملكن يومًا، فهو هدية وعطاء من الله لكل فتاة ولدت على الفطرة. ولكن هناك من تستطيع الحفاظ عليه؛ فيُصبح علامة النقاء والتميُّز في حياتها، وهناك مَن تنساه أو تتناساه تحت مُسمَّى الجمال؛ فتسير في طريق لا تحمد عواقبه، وكأنها تحمل بطاقة دعوة مباحة لكل من أراد النظر إليها. لا أعلم كيف تكون هدية لك بهذا القدر العظيم ثم تفرِّطين فيها؟! أتساءل: ما المقابل الذي ستحصلين عليه عند نزع حيائك؟ هل يستحق الثمن فعلًا؟! اعلمي أنك حورية ذات حياء وجمال داخلي؛ فلا تغترِّي بنظرات الإعجاب وكلمات المدح المعسولة التي تُقال لك دومًا؛ فما هي إلَّا خططٌ من الشيطان؛ لتكوني رفيقةً لنساءٍ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها؛ فهي خطة محكمة تجعلك دومًا أسيرة لفعل المعاصي؛ فمن قلَّ حياؤه كثُرت معاصيه؛ فالشيطان سيُهيِّئ لك كل شيء، ويبعث لك من يساعدك على فعل كل قبيح: فالتبرُّج والتزيُّن أناقة، والعري وسيلة لجذب الانتباه، والمخالطة رقي، ومصاحبة غير المحارم لا ضرر منها، والغيبة والنميمة ليست إلَّا فضفضة، وعدم غضِّ البصر ليس بزنًا، ومقابلة السيئات بالحسنات ضَعْف، وعدم التسامح وعدم العفو قوة!
القناعةُ دليلُ الأمانة، والأمانة دليلُ الشُّكرِ، والشُّكر دليلُ الزّيادة، والزّيادة دليل بقاء النّعمة، والحياءُ دليل الخير كلّه. أربعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان كاملاً، ومَن تعلّق بواحدة منهنّ كان مِن صالحي قومه: دينٌ يُرشِدُه، وعقلٌ يُسَدِّدُهُ، وحَسَبٌ يَصُونهُ، وحَيَاءٌ يَقُوده. مَنْ عَمِلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُ قَدْرٌ. من يستحيي من الناس ولا يستحيي من نفسه فلا قدر لنفسه عنده. فإذا لعبت الخمور برؤوسهم خلعوا جلباب الحياء والشرف وطردوا الحشمة، فتوارى الأدب وتبرقع الحياء. قد كان يمنعني الحياء من البكا.. فاليوم يمنعه البكا أن يمنعا. أصبحت الدنيا تروق من نظر بمنظر فيه جلاء للبصر، تبرجت بعد حياء وخفر تبرج الأنثى تصدت للذكر. غاية الأدب أن يَستحي الإنسان من نفسه. لا تُذْهِبِ الْحِشْمَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَخِيكَ وَأَبْقِ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَهَابَ الْحِشْمَةِ ذَهَابُ الْحَيَاءِ، وَبَقَاءَ الْحِشْمَةِ بَقَاءُ الْمَوَدَّةِ. الندم باب الحياء، والحياء باب التوبه. الحياء والإيمان مقرونان جميعاً، فإذا رُفع أحدهما ارتفع الآخر. أبيات عن الحياء يَعِيش المَرْءُ ما استحيَى بِخَيرٍ ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ إذا لم تخشَ عاقبة الليالي ولمْ تستَحْي فافعَلْ ما تَشاءُ
و كذلك امرأة ثابت بن قيس لم يمنعها الحياء أن تطلب حقا لها.. و فاطمة بنت قيس الفهرية حين استشارت النبي في الرجال الذين تقدموا لخطبتها... صور مشرقة رائعة تعبر عن جمال ديننا الذي لا يهضم حقا لأحد! نتعلم الحياء من وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم،فهو صفة محمودة لأنه يكبح الأعمال الغير أخلاقية ، و هو خلق الإسلام و لا يأتي إلا بخير. و الخجل غير محمود لما يترتب عليه من تفويت المصالح أو الرضا بالإذعان حيث يجد الخجول صعوبة في التكيف مع البيئة المحيطة و يواجه مشاكل من أهمها تدني مستوى الثقة بالنفس الذي يؤدي في النهاية لحالة من السلبية. و ليست هذه دعوة للصلف و الوقاحة أبدا، بل هو نقاش توضيحي و وضع لأشياء في محلها و محاولة علاج لخلل في التفريق بين خلق ينبغي الحث عليه،و مرض يستلزم التداوي منه. و أمراض النفوس جميعا-في منطق الإيمان و منطق الواقع-إن هي إلا أوهام لا تقوم على أساس و لا تمتّ إلى أي حقيقة بصلة، فالمرض النفساني خطير لا يثني صاحبه عن التميز فحسب، بل يفقده الكثير من معالم إنسانيته و أسباب صلاحيته للحياة.. من هنا تأتي الحاجة للعلم ماسة فجاهل الشيء يعاديه، و الثقة و بث التفاؤل و الأمل مظهر للتجاوب مع الحياة و سبيل الإسهام في بناء الحضارة الصالحة.
والبنت اليوم لا تخجل من لفت انتباه الشاب في مشيتها ونظراتها وحركاتها، وحين تمر أمام مجموعة من الشبان، لا تمنع نفسها من النظر إليهم، فتلقي نظرة هنا، ونظرة هناك، وكأنها بنفسها تسألهم التحرش بها ولو بكلمة.
تاريخ النشر: الثلاثاء 28 محرم 1437 هـ - 10-11-2015 م التقييم: السؤال ما هو المعيار المنضبط لحياء الفتاة؟ وهل اضطرار الفتيات اللاتي تدرسن الطب، لرؤية عورات الرجال، بل وقد تُضطَر لمسِّها أثناء دراسة بعض المواد الطبية، وسماعها عن أخص مكامن العورة، والحياء في النساء، من أساتذة رجال، أثناء دراسة مادة النساء والتوليد. هل هذا يؤثر على الحياء، ويقلله عند الفتاة التي تدرس، وتمارس الطب؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فالحياء من شعب الإيمان، ومن أجلّ صفات المؤمنين، وأحسن أخلاقهم، وهو خلق الإسلام، فعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ. رواه ابن ماجه. والرجل والمرأة سواء في الحاجة إلى هذا الخلق الكريم، إلا أنّ المرأة بفطرتها أقرب إلى هذا الخلق، وأحوج إليه من الرجل، ولذلك يضرب المثل بحيائها، ففي صحيح البخاري، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً، مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.
الحياء يضبط سلوك الفتاة التي تحب أن تكون لها مكانه مميزة. العفة والحياء أساس واحترام كل مرأة. جمال حياة المرأة هو الحياء. ينظر الناس على حياء المرأة قبل جمالها. بالحياء تكوني كالكنز الثمين. المرأة زينتها الحياء، وأفضل حياء هو استحياء الله. إذا فقد الحياء من المرأة، أصبحت كالوردة التي تفقد رائحتها من كثرة شمها. أجمل ما قيل في المرأة الخجولة المرأة الخجولة غالباً ما تفضل الإشارات على الكلام فهي عبقريةٌ فى إرسال الإشارات بعيونها الجذابة الناعسة أو من خلال صوتها الهادئ الناعم الذي يبدو وكأنه همسات بأذن آدم، فكل هذه الحركات إذا كانت نابعة من شخصية ناعمة خجولة بطبيعتها أصبحت ملكة متوجة على عرش آدم. شخصية المرأة الخجولة غالباً ما تكون شخصية صريحة واضحة لا تهتم بصغائر الأمور فهي شخصية عميقة في تفكيرها يجد معها آدم الشعور بالثقة والضعف والهدوء والبراءة، فكل هذه السمات إذا توافرت فى المرأة لا يجد الرجل مفراً من عشقها. جميلة دائماً، خجولة غالباً، وجريئة متى ما أرادت وكيفما شاءت، تلك هي أكثر النساء كمالاً. يعشق الرجل ردود أفعال المرأة الخجولة التي تدفعه إما للاعتزار أو تحقيق رغبتها، فالمرأة الخجولة غالباً ما تمتص غضبها وشعورها بالقهر فلا تفصح عنهما بالصراخ أو بالشجار فهي عاده ما تفصح عن غضبها بأكثر الأساليب جاذبية لأدم مثل احمرار الوجه، أو ذرف الدموع في صمت، حينها يشعر الرجل أمام المرأة الخجولة أنه أمام لوحة الموناليزا التي تشع بهاء وجمالاً صامتاً.
ولا ينبغي أن يمنع الحياء النساء من السؤال والتفقه في الدين، قالت عائشة: (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) (أخرجه البخاري). قال ابن حجر في الفتح: ومرادهم أنَّ الله لا يأمر بالحياء في الحق, ولا يبيحه؛ وليس المراد بالحياء الحياء الحقيقي, لأن الحياء خير كله, ولا يأتي إلا بخير والإمساك عن السؤال في هذه الحال ليس بخير بل هو شر, فكيف يكون حياء؟!. أسباب تعين المرأة على التزام الحياء الدعاء: وهو سلاح المؤمن, فيلجأ إلى ربه، ليرزقه الحياء، ويصرف عنه سيء الأخلاق, وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ"(رواه مسلم). المحاسبة: وذلك بنقد النفس إذا ارتكبت ما يخلُّ بالحياء، وحملها على ألا تعود إليه مرة أخرى، مع أخذها بمبدأ الثواب. النظر في عواقب التخلي عن الحياء: وذلك بتأمل ما يجلبه التخلي عنه من الأسف الدائم، والهم الملازم، النظر في عواقب التخلي عن الحياء: وذلك بتأمل ما يجلبه التخلي عنه من الأسف الدائم، والهم الملازم، والحسرة والندامة، والبغضة في قلوب الخلق؛ فذلك يدعو المرء إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق، ويبعثه على التحلي به, والتلبس بمحاسن الأخلاق.